جنون الياسمين
قال البحر الياسمين المجنون يغار على حبه الوحيد, يغار على الشمس وهي تغيب, ولا يرضى أن يكلمها أحد, سيسجنها للأبد, في عيونه, وعندما غابت في أحضاني, وغمرتُها بحناني, جُن جُنونُه, وعلى قبره مَرّ قلبه, وقرر قتل حبه بيده, فمِنَ الحب ما قتل نفسه, فمِنَ الحب ما قتل الحبيب, أجل قتلها, وهو يقول لها, أحبك شمسي, احرقيني ولا تتركيني, ولا تبتعدي عن حنيني, ولا تُطفئي حبك ببحر كأسي, أحبك فأنتِ التي تحرقين تفاصيل أجفاني بالنور, وتغرقين تفكيري بالسرور, حتى كعب فنجاني, حتى أعماق نفسي, سأرتبط بك وأفرش لك طريق الحرير كأس, وأزور الغد بالأمس, مع حلول فصل الحب سأهديكِ أدمعي, ادعيت المرض كي لا أستقبل بريد النجوم, والكل تحول إلى الجنون, وأنا أحب الجنون, فلا تكوني عاقلة معي, ولم أكن في الجنون إلا هاوٍ لأن المجنون الحقيقي, هو الذي يقف في وجه فوهة المسدس وفي طريقي, والصادق هو من يقع في المشاكل والجنون, وهكذا ذهبت وجاءت واقتربت أيام قدر القلب الذي اعتقدت أنه معي, ومَنْ السيئ فينا العقل أم العيون, فالأمور السيئة تحدث, والأمور الجيدة قد تحدث, هذا مبدأ صديقي, وكل ما أخشاه عليك الألم والصديق, لذلك قررتُ أن أرتبط بكِ منتصف هذه الساعة ونسافر إلى القمر, حيث المرجان والخطر, ونبحر في غيمات السهر, حتى مطلع شهر كانون, اليوم والغد والكل مُنتظرَ, والياسمين لا ينتظر شيء, لقد بات يخاف كثيراً فمن تزل قدمه يمحوه من الوجود وكأنه كان لا شيء, قد مَرَ ونام في الجفون, وسكب في العقل الجنون, والجنون في أجفاني, قال البحر من جديد, ياسمين الصحراء يراهم, فتهطل الأمطار, هكذا رأيت في أحلامهم, وأنا أنتظر القطار, فسمعت ضوضاء أحاديثهم, منتصف طريق النار, كانت الشمس تسأل الياسمين, ماذا فعلتْ في غيابي, قال تشاجرتْ مع البحر والحنين, الذي أخذك من أمام نظراتي, وفجرت أمواجه بعذاب كلماتي, ولا تحاولي أن تدافعي عنه فهو الذي بدل نظراتي بعيوني, فأنا الذي أحبك رغم جنوني, أحبك رغم أحزاني, عندما تسمعين صدى صوتي, ستعلمين كم أحبك, لست أبالغ إن قلت إنك حياتي وموتي, فمنذ قرون وأنا أبحث عن حبك, تسيرين على جسد حلمي, كما يسير العشب فوق اللغمِ, وحبي فوق قلبك, أتعرفين الآن ما مشكلتي معكِ, مشكلتي أني أحبك, وأتعرفين لمَ أخاف على أدمعك, لأنه غالي عليّ حبك, وربما قد يصبح إدماني, يقولون أن الحب الصادق يفتح الباب الذي لا يُفتحْ, كالطفل الذي يتبعُ رائحة الحب ولو كانتْ في غير أمه ولها يضحك, لا تقولي ماذا تريدين مني على كل حال لا أملك ما تريديه, وما ليس تريديه, لا أملك إلا هذا الكتاب وهذا المَسبّحْ, أحبك كالسحاب وإنْ لمْ يُمطر لكنه القلوب قد أفرح, أنتِ النور الذي يغمر المكان والزمان, كأنها من ابتسامتك تهرب الأحزان, أنا لا أريد أن أكون بشراً أنا أريد أن أكون إنسان, أحبك كإنسان, فأنا لا أملك إلا حبك, يعيش بيني وبين أنفاسي يجعلني شيءٌ إنساني, أحبك دعيني أراك في حلمي, ولو قالوا عني مجنون رسمي, فأنت التي أفخر أن أضعها فوق رأسي, كلميني لا تبخلي, وعن غصوني لا ترحلي, فأموت قبل أمسي, بين لوحتي وأحزان ألواني, ومشاعر إحساسي المتفاني, كلامه آلمني ولم أجدْ أمامي, إلا الرحيل نحو أمواجي, بينما هما رحلا نحو بلادي, فقد تلوت لهما صلاتي, بألا يضرهما شيء, بألا تعود بهما أشجاني, وعندما وصلا شاطئ أحلامي, قال الياسمين لما يلاحقوني هل فعلتِ شيء, قالت الشمس لا, وأنتَ ماذا فعلتْ, قال لا شيء, سوى أن عبير نسيمي يملأ المكان وكيف أخفيه وهو لا يريد, لم لا نختبئ في مكان ما, وإذا سألنا أحدْ مَنْ أنتما, نقول له نحن ساعي البريد, قالتْ هذا كله بسبب غيرتك التي لا سبب لها, تفضل أخبرني ماذا نفعل الآن وقد زرنا الحياة كلها, وأنت تغار حتى من التنهيد, آه كم أحلم بحياة طبيعية, قال لمْ يُذكرْ أنه وَجد أحدٌ ما حياة طبيعية, على الأقل حتى الآن, ولم تلتقطها الأقمار الصناعية, من أي زمان, فقالتْ ما ذلك خلف الباب, قف في الصف إن كنتَ تنتظر لقاء العذاب, كان أحرى بي أن أبقى مع البحر وإن غدر بي أهون لي من الضياع معك, انظر لمَ أوصلنا إليه غرورك وعنادك لا بل ما أوصلني إليه غبائي, لقد أصبحت أخطائك كثيرة بحيث لم يعد بمقدوري أن أصدقها وأن أميزها عن أخطائي, ربما من الجيد أحياناً, أن نجعل من أنفسنا عمياناً, كي لا نرى الحقيقة على حقيقتها وهذا ما أعماني, لم تكن صديقي فحسب بل كنتَ وما زلتَ أعز أصدقائي, أصدقائي الذين منهم أعاني, لقد رضيتُ أن أشاركك في كل شيء في همومك ومشاكلك, فلمَ لا تشاركني ببعض من أحزاني, ودعني الآن أتفقد بريدي الالكتروني, الذي يذهب إلى كل أحد دوني, وأنت ما زلتَ تعزف بحر ألحاني, قال أنا أعرف البحر أكثر منك, لا ترغميني أن أحبه رغم عنك, الماء قد تغدر وهي تحاول الوصول إلى التغريد, فقالتْ الشمس لنفسها الماء هي الحياة, لا يمكن أن تكون الماء قاتلة, وأمواج تسونامي بالذات, لم تكن إلا صدفة غاضبة, تقتلني كل مرة مئة مرة, وأنا لا أريد أن أموت إلا مرة, محاربة, وفي المرة القادمة عندما يأمرني ياسميني بالتحرك سأصل عند حدود قدري, وعندما يأمرني بإطلاق النار سأصوبه نحو صدري, وأعيش مرة أخرى, عاشقة, فلم ألحظ من قبل أن للياسمين تفاصيل أخرى, تشدني نحو الجنون بنفسي وبأختي الصغرى, لقد بدأ يغار من أبسط الأشياء, ولم يترك للقدر فرصةً ليشعر بالكبرياء, ولم ألاحظ تقاطيع وجهه ولا يوم, مع أنه كان يتسلل إلى قلبي كلما أتى النوم, وينام عوضاً عني, كي لا ينسَ أن يسألني, كيف كان لوني هذا اليوم, هل كنتُ غاضباً, هل لعب الغضب بأعصابي, هل كنتُ فظاً, ومزقت حروف كتابي, هل قلت للبحر كلمات صعبة, فلم تكن مشاعري لعبة, وإن كان الحب له صدى فالحب لي أصواتي, وليحرق كلماتي واسمي, فلم يعد يراه حلمي, لم يعد له مكان في حياتي, لذلك تحت سريري خبأت ذكرياتي, وزرعت الورود في فنجاني, عندها قال البحر وفي عينيه بكائي, صورة الشمس والياسمين, أزين بها صدر أحضاني, وأبارك لكما وأحني الجبين, فأنتما الذين تزينا بالحب تاريخ أحزاني, أنتما حبي الوحيد, الذي لا يفارقني عند المغيب ...